الجمعة، فبراير 13، 2009

الفصل الرابع من القلب الفقود

.......استيقظ ضياء ليجد نفسه في غرفته القديمه التي عاش فيها طفولته، وكأن ما فات من عمره منذ ان ترك هذه الغرفه مجرد كابوس حزين،بل اعتقد أنها بالفعل كابوس ,واسرع الى النافذه ليشاهد المسجد والحديقه التي طالما ما كانت اول ما تنظر إليه عينهيه في الصباح، وما ان ازاح الستائر حتى صعق ضياء من المشهد، فإنه لم يجد إلا غابه موحشه، ممتلئه بتلك الاشجار الجافه،والغربان القبيحه، وفجأه بدأت الاشجار بالحركة،وكأنها دخلت حربا مع هاتين الفتاتين وذاك الشاب الضخم، وانتهى بهم الامر بذلك الشاب يحمل احدى الفتاتين ويدخل في تاهه كبيره، والفتاه الاخرى فاقده الوعي وبالقرب منها كتابا كبير الحجم!لم يستوعب ضياء هذا المشهد في بادئ الامر، ولكنه اسرع الى باب لغرفه ليذهب اليهم ويساعدهم، اولعله يفهم مايحدث ،ولكنه وجد الباب مؤصد، حاول ان يكسره، ولكن الباب كان اقوى منه بكثير .
جلس ضياء في غرفته منهك الجسد والذهن،وحينبها بدأ يتسلل إلى قلبه شعور الوحده، لم يكن شعورا جديدا على ضياء، فقد كان يشعر به وال لحظات كابوسه الاخير،او ما ظن انه كابوس ،فدائما ما كان وحيدا في مشاكله،لا يجد من يمسك بيده ليعبر به الطريق، على الرغم من كثرة معارفه، ولكنه لم يجد فيهم ابدا الصديق الذي يريد . لم يجد ابدا من يساعده في كسر باب وحدته.
في خضم تأمل ضياء احساسه بالوحده، لمح كتابا غريب الشكل،كان كتابا متوسط الحجم، غلافه الخارجي من المعدن الذي تآكل من الصدأ , محفور عليه صورة قصر كبير،واسفل هذا القصر مكتوب بالاحرف البارزه ضياء، وبدأ ضياء يتصفح الكتاب بورقه القديم المهترئ.

"ما هذا الكتاب العجيب، انه يذكر كل تفاصيل حياتي،اسراري......خواطري المتشائمه......اشعاري الفاشله......افكاري المحطمه......شهاب...... كابتن رأفت......لومي لوالدي على ما انا فيه......حتى مشاعري الخفية لمي......اغاني منير التي أحبها......كل شيء.... ..كل شيء"
.ادرك لحظتها ضياء انه لم يستيقظ من كابوس، بل كان هذا الكابوس هو حياته بالفعل، ولكن ما الذي جاء به الى هنا؟ وما هذه الغابه ومن كتب هذا الكتاب؟وكيف يخرج من هذا المكان العجيب؟
كلها اسئلة تراود ذهن ضياء..
ينتشر صوت صرير باب الغرفه..
يلتفت ضياء سريعا ناحية الباب ليجد والده يفتح له الباب ويقول له:
" خليك متفائل يا دكتور،واعتمد على نفسك،واحمد ربنا على طول، وخلي بالك من نفسك عشان ماما خايفه عليك"
ثم ترك الباب مفتوحا وذهب،،،
ركض ضياء ناحيه الباب وهو يصرخ قائلا باعلى صوته:
"استنى يا بابا...استنى...استناني...انا محتاجلك بجد"
لكنه يخرج من الغرفه و يلتفت يمنة ويسره بحثا عن والده، ولكنه يجد ممرا طويلا، مظلم وموحش،ولا اثر فيه لاحد......لم يتعجب ضياء كثيرا من موقف والده، فمن صغره وجل ما يفعله والده هو ان يفتح له الابواب المغلقة،ويمهد له الطريق......عاد ضياء لاخذ الكتاب من الغرفه، ونظر الى النافذه ليطمئن على الاخرين فوجد غرابا ضخما قادما بسرعة، فكسر النافذه،وسقط ضياء على الأرض، وتناثر الزجاج في كل مكان....
وقال له الغراب:يا ضياء لو عايز تعيش خليك في حالك، وابعد عن المشاكل، وانا هاضمنلك تطلع من هنا سليم.
ضياء: بس دول بيتعذبوا,دول ممكن يموتوا كدة وانا لا يمكن اسيبهم.
الغراب: قد اعذر من انذر، واتاكد انك هنتندم على قرارك.
فرد الغراب جناحيه وطار مبتعدا وضياء ينظر اليه متعجبا...ولم تتوقف صدمات ضياء هنا.... فما ان نظر إلى الآخرين حتى وجد.....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق